
الضريبة الخفية على أعمالك
إذا كانت شركتك تنفق 50 مليون دولار سنويًا عبر منظومة المشتريات، فربما تتسرب من ميزانيتك ما بين 2.5 و5 ملايين دولار دون أن تشعر. ليس بسبب الاحتيال أو الموردين السيئين، بل نتيجة ضعف الكفاءة، والاعتماد على حلول يدوية، وانعدام الرؤية الشاملة — والأسوأ أن هذه الخسائر غالبًا لا تراها.
الأمر ليس إهدارًا بالمعنى التقليدي، بل هو تآكل بطيء وممنهج للقيمة، جذوره في إجراءات قديمة، وأنظمة منعزلة، وقرارات تُبنى على جداول بيانات.
وهذا النزيف يتضاعف عامًا بعد عام!
كيف تبدو كفاءة المشتريات المنخفضة على أرض الواقع؟
غالبًا ما تختبئ مظاهر عدم الكفاءة في:
- تأخر الموافقات: الطلبات تتنقل بين صناديق البريد لأسابيع، وبمجرد الموافقة قد تكون الأسعار تغيّرت أو المشاريع تأخرت.
- الشراء اللامركزي: الفرق تتجاوز قسم المشتريات "لإنجاز العمل أسرع"، ما يؤدي إلى تفاوت الأسعار وتكرار التعامل مع الموردين.
- خصومات مهدرة: تفاوض الإدارة المالية على خصومات للسداد المبكر أو على الكميات، لكن لم يتم تتبعها أو الاستفادة منها.
- أخطاء وإعادة العمل: إدخال البيانات يدويًا بين الأنظمة (ERP، إكسل، البريد) يفتح الباب للأخطاء، وما يتبعها من تأخير أو نزاعات.
- ضعف الالتزام بالعقود: الشراء من خارج قائمة الموردين المفضلين أو العقود، غالبًا بتكلفة أعلى بنسبة 10–20% لكل بند.
هذه الخسائر لا تظهر كإنذار واضح في بيان الأرباح والخسائر، لكنها تظهر في الوقت الضائع، وضغط الهوامش، وبطء الأداء.
تشير المؤشرات العالمية إلى أن نحو 20–35% من الإنفاق لا تتم إدارته، سواء في شكل "إنفاق ذي ذيل طويل" (مشتريات منخفضة القيمة ومتباعدة زمنياً من عدة موردين) أو "إنفاق عشوائي" خارج العمليات المعتمدة — فجوة صامتة تلتهم الأرباح.
حتى معدل عدم كفاءة متحفظ بنسبة 5–10% يعني ملايين الدولارات المفقودة.
لماذا لا ترى هذا الهدر؟
يبقى هذا الهدر غير مرئي لأن:
- أنظمة الـERP مصممة لتسجيل المعاملات، لا لتقديم رؤى استراتيجية حول كيفية الشراء.
- لوحات المعلومات تعرض حجم الإنفاق، لا سببه أو كفاءته.
- لا يوجد مالك للرؤية الشاملة: المشتريات تدير التوريد، المالية تدير المدفوعات، والعمليات تدير الموردين… لكن من يملك التحسين؟
بمعنى آخر: لا يوجد مرآة لرؤية ما هو "الأفضل". وبدون مؤشرات واضحة، تصبح عدم الكفاءة أمرًا طبيعيًا ومقبولًا.
كيف توقف الشركات الرائدة هذا النزيف؟
لإصلاح المسار، لا تحتاج بالضرورة إلى برنامج جديد فورًا، بل إلى أسلوب تفكير جديد.
إليك ثلاث خطوات عملية يمكن لأي مدير مشتريات أو مالية تنفيذها فورًا لكشف الخسائر الخفية:
إجراء تدقيق تسرب المشتريات
هذا ليس تحليل إنفاق تقليدي، بل فحص للخسائر التشغيلية، مثل:
- كم طلب شراء (PO) يُنشأ بعد وصول الفاتورة؟
- كم عقد مورد يتم الالتزام به فعليًا؟
- ما نسبة الإنفاق التي تمر عبر الإجراءات أو الكتالوجات المعتمدة؟
- كم مرة نفقد خصومات السداد المبكر؟
- كم يستغرق الزمن من تقديم الطلب حتى الموافقة، ثم إصدار أمر الشراء، ثم التسليم؟
ستكتشف فجوات مذهلة، وستعرف بالضبط أين تحتاج إلى التعمق أكثر.
نصيحة: ابدأ بقسم واحد عالي الإنفاق (مثل العمليات أو التسويق)، وراجع إنفاق ربع سنة واحد فقط.
وضع مؤشرات لقياس "تكلفة التأخير"
كل تأخير في الموافقة أو عنق زجاجة في التوريد له تكلفة في ساعات العمل، وانخفاض الإنتاجية، وتأخر المشاريع، وتكاليف الشحن السريع.
حوّل ذلك إلى أرقام مالية:
- المستهدف: من الطلب إلى أمر الشراء ≤ 5 أيام عمل.
- الفعلي: X أيام (ونسبة الالتزام).
- الأثر: تكلفة الفرصة الضائعة أو الزيادة في التكاليف.
هذا يخرج المشتريات من دورها الإداري إلى حوار استراتيجي، حيث يمكن للمدير المالي أن يسأل: "كم كلفتنا هذه التأخيرات الربع الماضي؟"
إنشاء لوحة مؤشرات تكتيكية للمشتريات
انسَ مؤشرات "إجمالي الإنفاق" المرتفعة. راقب مؤشرات مثل:
- % الإنفاق المغطى بعقود.
- % الإنفاق مع الموردين المفضلين.
- متوسط زمن الدورة (من الطلب إلى أمر الشراء).
- % المشتريات التي تطلبت إعادة عمل بسبب أخطاء أو سوء توافق.
- % الفرص الضائعة للاستفادة من خصومات السداد المبكر.
- الإنفاق العشوائي كنسبة من الإجمالي.
عندما تتماشى هذه المؤشرات مع المالية والعمليات، تتحول المشتريات من أداة التزام إلى محرك أساسي لزيادة الأرباح.
الخلاصة: المشتريات ليست معطلة… بل غير مُستغَلّة بالكامل
معظم المديرين الماليين أو التنفيذيين لا يقبلون خسارة هامش 10% من المبيعات أو التشغيل، لكنهم يتسامحون مع خسائر المشتريات، رغم أنها تقتطع من الأرباح بنفس الحدة.
الشركات التي ستتفوق خلال السنوات الخمس المقبلة هي التي تنظر للمشتريات كرافعة للربح، لا كمركز تكلفة إداري.
والخطوة الأولى؟ سلّط الضوء على ما لا تراه.
قائمة تدقيق كفاءة المشتريات تساعدك على القيام بذلك بالضبط، من خلال أسئلة شاملة تغطي وضوح البيانات والرؤية، وكفاءة العمليات والإجراءات، والتحكم في التكاليف، ومدى التوافق الاستراتيجي مع أهداف الشركة. من خلال هذه القائمة، يمكنك تقييم أدائك بدقة، وتحديد الفجوات الخفية، واكتشاف أكبر فرص التوفير المتاحة أمامك.
📄 حمّل قائمة التحقق لتعرف كيف يقاس أداء منظومة المشتريات لديك فعليًا.